آفة العلم
قال ابن القيم رحمه الله : ( وأما العلم؛ فآفته عدم مطابقته لمراد الله الديني الذي يحبه الله ويرضاه، وذلك يكون من فساد العلم تارة، ومن فساد الإرادة تارة، ففساده من جهة العلم : – أن يعتقد أنَّ هذا مشروع محبوب للَّه وليس كذلك، أو يعتقد أنه يقربه إلى اللّه وإن لم يكن مشروعا، فيظنَّ أنه يتقرب إلى اللّه بهذا العمل وإن لم يعلم أنه مشروع. – وأما فساده من جهة القصد؛ فأن لايقصدَ به وجه اللّه والدار الآخرة، بل يقصد به الدنيا والخلق. وهاتان الآفتان في العلم والعمل لا سبيل إلى السلامة منهما إلا بمعرفة ما جاء به الرسول – صلى الله عليه وسلم – في باب العلم والمعرفة، وإرادة وجه اللّه والدار الآخرة في باب القصد والإرادة، فمتى خلا من هذه المعرفة وهذه الإرادة؛ فسد علمه وعمله والإيمان واليقين يورثان صحة المعرفة وصحة الإرادة، وهما يورثان الإيمان ويمدانه، ومن هنا يتبين انحراف أكثر الناس عن الإيمان؛ لانحرافهم عن صحة المعرفة وصحة الإرادة، ولا يتم الإيمان إلا بتلقي المعرفة من مشكاة النبوة وتجريد الإرادة عن شوائب الهوى وإرادة الخلق، فيكون علمه مقتبسا من مشكاة الوحي وإرادته للّه والدار الآخرة؛ فهذا أصح الناس علما وعملا، وهو من الأئمة الذين يهدون بأمر اللّه، ومن خلفاء رسوله – صلى الله عليه وسلم – في أمته ). [ الفوائد ]